لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
100052 مشاهدة
نماذج من اختلاف التنوع حول بعض الآيات

قد تقدم أن شيخ الإسلام رحمه الله ذكر أن تلك الاختلافات فيما بينهم إنما هو ليس اختلاف تضاد، اختلاف يسمى تنوعا، أي: أنواعا من الكلام داخلة تحت معنى واحد، والدليل عليه أن ابن جرير عندما يحكي تلك الأقوال يجمع بينها؛ فيقول إن هذه جائزة، جائز أن يكون كذا، وجائز أن يكون كذا، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو نظيره، وقد تقدم أمثلة لذلك، قد يعبر عنه بلازمه أو بنظيره،؛ يعني: بما هو مشبه أو مشابه له أو بما هو نوع منه أو نحو ذلك.
قد ذكرنا أن ابن جرير عند قوله تعالى: وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ ذكر اختلافهم في القنطار المذكور في قول الله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ وفي قوله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فعباراتهم تدل على أن القنطار هو المال الكثير ولا حاجة إلى تقديره بعدد مُبَيَّن مما يدل على أن هذا جائز، أن يعبر عنه بنظيره أو بلازمه أو بجزء منه. ومنهم من ينص على الشيء بعينه؛ يعني منهم من يعبر بلازمه ، ومنهم من يعبر بنظيره، ومنهم من ينص عليه بعينه ، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن، فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي.
واختلافهم يكون اختلاف تنوع -كما قلنا- وهو أيضا دليل على عنايتهم بالقرآن وكثرة اجتهادهم في معرفة معانيه، وتفسيرهم له حتى يكون ظاهرا، إذا قرأه القارئ عرف ما قرأ وعرف المدلول الذي تدل عليه تلك القراءة وما أشبهها. والذين يذكرونها أقوالا يريدون بذلك أنها أقوال في الظاهر؛ يعني: قول كذا وقول كذا من غير أن تكون متباينة في الأصل. يرجع في ذلك إلى التفاسير التي تحكي الكثير من الأقوال مع كونها متقاربة، ولا شك أنه قد يحصل أيضا بينهم شيء من الاختلاف.
فمثلا فسروا النسك في قوله تعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ وأكثرهم على أنه يكفي في النسك شاة، وبعضهم من قال: لا. بل لا بد من بدنة، وبعضهم فسر النسك بأنه العمرة أو العبادة في قوله: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ والذين فسروه بالدم استدلوا بقوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي أي أن النسك هو العبادة، وقيل هو الذبح، هذا مثال.
وكذلك الدم في قوله تعالى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ما استيسر من الهدي قال بعضهم: شاة، وقال: بعضهم بدنة، ولكن كأن هذا أيضا تمثيل، أي: مثالا لما استيسر من الهدي.